السبت، 6 أغسطس 2016

سلمى مصطفى وحلم المزرعة

سلمى مصطفى مهندسة اتصالات عملت لسنوات في مجال برمجة الكمبيوتر في أحد الشركات العالمية في مصر ولكن حبها للطبيعة وللحياة الطبيعية أخذها في طريق آخر. بدأت قصة سلمى مع الطبيعة عندما قامت بالانتقال مع أهلها من حي المعادي المليئ بالخضرة والأشجار والزرع إلى حي المهندسين المزدحم نسبيا والذي تقل فيه نسبة اللون الآخضر بشكل ملحوظ عن حي المعادي. كان ذلك في طفولة سلمى عندما كانت في السادسة من عمرها، وقد ترك ذلك أثرا عميقا فى نفسها فقد كانت تحن دوما إلى حي المعادي الذي كانت تسكن فيه مع أهلها بخضرته وأشجاره وجوة الجميل.

وبعد انقضاء أعوام الدراسة المدرسية ثم الجامعية فيما بعد وتخرج سلمى من كلية الهندسة ثم عملها في مجال برمجة الكمبيوتر لسنوات، شعرت أن تلك ليست هي الحياة التي تبتغيها لنفسها وطاقت نفسها للخلاص من هذا العناء. فتركت سلمى عملها في الشركة العالمية التي كانت تعمل بها بالقاهرة وأخذت تطرق أبوابا عديده كان من بينها مجال العمل الحقوقي ومجالات أخرى متعددة لم تجد سلمى نفسها فيها بعدما خاضت التجربة. ولم يبقى لسلمى سوى اختيار واحد كانت قد فكرت فيه عند استقالتها من عملها كمهندسة وهو مجال الزراعة. وبالفعل، قامت سلمى بأخذ خطوة جريئة والتحقك بكلية الزراعة في التعليم المفتوح وانتظمت في دراستها عسى أن تجد في الزراعة مبتغاها.

وكانت سلمى تقوم بالتطوع كلما سنحت لها الفرصة فى العمل بيدها في كلية الزراعة حتى تكتسب الخبرة ولأنها أحبت هذا المجال، وقد تعرفت سلمى بعد عام من دراستها بالمصادفة على كيان اسمه نوايا وعلمت أنهم يقومون بتنظيم تدريب متخصص في مجال ينتمي إلى الزراعة النظيفة اسمه البيرماكلتشر. ولم تكن سلمى قد سمعت عن ذلك المجال من قبل ولكنها تحمست للفكرة وقامت بالفعل بالتسجيل في تلك الدورة التدريبية وحضرت المعسكر التدريبي والذى كانت مدته اسبوعين وكان يقوم بالتدريب فيه مدربين أجنبيين وكان مكان التدريب بالقرب من دهشور في محافظة الجيزة. وقد أسعدني الحظ والتقيت بسلمى أثناء تلك الدورة التدريبية حيث كنت أنا أيضا أقوم بحضورها.

وقد سعدت سلمى جدا من تلك الدورة التدريبية وبدأت تهتم بمجال الزراعة النظيفة والزراعة العضوية واستمرت في دراستها في كلية الزراعة بنظام التعليم المفتوح. وبدأ حلم المزرعة يراود سلمى ولكن زملائها في العمل كانوا دائما يقومون بتحذيرها من المخاطر والجدوى الاقتصادية من مثل ذلك المشروع. وبدأت سلمى في دراسة الموضوع من الناحية الاقتصادية ثم وجدت ضالتها في صديقة لها عندها نفس الحلم وتعمل في مجال اقتصادي وبالفعل عزما على شراء أرض زراعية وعمل مشروع زراعي بها، وقامتا بالبحث عن أرض زراعية في أماكن متعددة، ولكن سلمى بعد بحث رأت أن تقوم بالعمل في مزارع في البداية حتى تكتسب الخبرة اللازمة في البداية.

وبالفعل تنقلت سلمى بين العديد من المزارع في الواحات البحيرة وفي طريق أسيوط الغربي وفي وادى النطرون وصولا إلى نويبع. بعد تجربة دامت 4 سنوات خلصت فيها سلمى إلى التالي: الأراضي الزراعية القريبة من القاهرة باهظة الثمن، العمل في المزارع الغير عضوية والتي تستخدم الكيماويات لا يستهويها ومرهق، والعيش في أماكن بعيدة مثل نويبع جميل وممتع وفيه هدوء وسكينة وتناغم مع الطبيعة ولكنه يحتاج إلى صحبة فالإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده. ورجعت سلمى بعد رحتلها الطويلة تلك إلى القاهرة ورجعت مرة أخرى إلى عملها في الشركة العالمية التي كانت تعمل بها مهندسة.

وترى سلمى الآن أن الحل هو محاولة أعادة النظر إلى القاهرة ورؤية كيف يمكننا زيادة المساحات الخضراء بها وجعلها مكانا أكثر طبيعية. ولم تتخلى سلمى بعد عن حلم المزرعة الذي مازال يراودها فهي مازلت تدرس في كلية الزراعة بنظام التعليم المفتوح وتأمل في يوم ما أن تجد عدد كافي من الناس مهتم بإنشاء مجتمع نظيف في مكان ما في مصر يكون مجتمعا زراعيا يمارس الزراعة الطبيعية النظيفة ويعيش هناك في مجتمع متكامل وطبيعي ونظيف.

الأحد، 17 مايو 2015

مبادرة مصر 2055

بسم الله الرحمن الرحيم،

الحمد لله، مرت قرابة الأربعة أعوام منذ آخر تدوينة لى هنا. وخلال هذه الفترة كنت أقوم بحضور دورات تدريبية على يد مصريين وأجانب فى مجالات شتى لم تقتصر على المجال الزراعى فحسب بل شملت أيضا مجالات أخرى متعددة مثل بناء البيوت باستخدام الطرق الطبيعية واستخدام مصادر وأساليب بديلة للطاقة فى عملية طهى الطعام واستخدام طاقة الشمس كبديل لتسخين المياه وغيرها من المجالات المتعلقة بالحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.
وفى خلال رحلتى تلك، قابلت أشخاصا عديدة، وساهمت مع مبادرات متعددة لها علاقة بالتنمية المستدامة والبيئة والحياة الطبيعية الصحية. وقد لاحظت خلال رحلتى تلك أن لدينا فى مصر بالفعل من عندهم العلم العميق فى مجالات متعددة لها علاقة بالتنمية المستدامة والبيوت الطبيعية والزراعة الحيوية (الأورجانيك) وفى نفس الوقت لدينا فى مصر الحاجة لتوسيع نطاق الاستفادة من هذا العلم وتشجيع تلك المبادرات الواعدة وتوسيع نشاطها وتشبيكها مع بعضها البعض حتى تعم الفائدة ونخطو بخطى أوسع وأسرع لكى نصل إلى مبتغانا من العيش فى بيئة نظيفة خالية من التلوث بها زراعة طبيعية وبناء طبيعى واقتصاد أخضر غير ملوث للبيئة ومحافظ على صحتنا وعلى انسجام حياتنا اليومية وسلامنا النفسى.

الزراعة الطبيعية
وبناء على ما سبق، قررت أن أشطح بخيالى وأكسّر كل القيود وأحلم للمستقبل. فتخيلت مصر بعد 40 سنة من الآن، وحلمت أن تكون مصر فى عام 2055 مصر خضراء بها نسبة الزراعة الطبيعية الأورجانيك تبلغ 100% من الزراعة بحيث تكون مصر بلد خالية تماما من استخدام الكيماويات فى الزراعة سواء فى التسميد أو مكافحة الآفات. ورغم أن هذا الحلم يبدوا بعيد المنال وصعب التحقيق إلا أننى أراه ممكنا بالفعل، حيث أن الطرق والأساليب اللازمة للزراعة الطبيعية الأورجانيك موجودة بالفعل ولدينا فى مصر من العلماء والخبراء والممارسين لتلك الأنماط من الزراعة الطبيعية ما يكفى لتحقيق ذلك ولا ينقصنا سوى الإرادة لتحقيق هذا الحلم والقناعة بجدواه وإمكانية تحقيقه والتوعية للمستهلك وأيضا للفلاح والمزارع.

المبانى البيئية
ولن تكتمل حياتنا الرغدة بالزراعة الطبيعية الأورجانيك فقط، فعلى صعيد البيوت والمبانى، ارتأيت أن تكون مصر فى عام 2055 لا يتم فيها بناء أى بيت أو مبنى سكنى أو إدارى جديد إلا إذا كان مطابقا للمواصفات البيئية سواء مصنوع بشكل كامل أو جزئى من المواد الطبيعية أو به المواصفات اللازمة من ناحية المواد المستخدمة فى البناء ومن ناحية التصميم المعمارى كى يكون صديق للبيئة فيستخدم مثلا الهواء الطبيعى من مداخل ومخارج معينة لتكييف البيت بشكل طبيعى وتكون جدرانه من مواد طبيعية حتى تلطف الجو دون الحاجة إلى استخدام أجهزة التكييف الكهربائية والتى أعتبرها من وحوش الكهرباء حيث أنها تستهلك كميات هائلة من الطاقة الكهربائية لن نتحمل دفع فاتورتها فى المستقبل عندما يزداد تعداد السكان فى مصر وتظل نستورد كميات أكبر وأكبر من البترول لكى نغطى حاجتنا المتزايدة من الطاقة الكهربائية. وبرغم أن حلم البيوت الطبيعية يبدو بعيد المنال أيضا مثله مثل حلم الزراعة الطبيعية المستدامة إلا أن هذا النوع من المبانى قائم بالفعل ويمكن تصميمه وبناؤه وهو بالفعل مستخدم فى العديد من البلدان أذكر منها على سبيل المثال فقط وليس الحصر ألمانيا والهند.

وقد قمت بحضور أحد الدورات التدريبية على يد 3 مدربين من ألمانيا قاموا بتدريبنا على البناء باستخدام المواد الطبيعية وأخبرونا أن سوق المواد الطبيعية فى البناء تزداد فى ألمانا يوما بعد يوم. إذا فحلم المبانى الطبيعة فى مصر هو حلم يمكن تحقيقة على أرض الواقع والعلم الخاص به موجود بالفعل وكل ما نحتاج إليه هو الإرادة لتحقيقه والإيمان بفوائده الجمة على جميع المستويات وتوعية المستهلك بمدى الفوائد الصحية والحياتية لتلك الأنواع من المبانى حتى يطالب بالعيش فى بيوت مثلها فينتقل المقاولون إلى بنائها عندما يطلبها الجمهور بعد معرفتهم لفوائدها وإدراكهم لمميزاتها.

الطاقة المتجددة
وعلى صعيد الطاقة، فأحلم بأن تكون مصر بحلول عام 2055 تستخدم الطاقة المتجددة بنسبة 100%، وبرغم أن هذا الحلم مرة أخرى يبدو خيالى، حيث أن الطاقة التى يتم إنتاجها من البترول والغاز والفحم مازالت هى الآرخص حتى الآن فى معظم الأحيان، إلا أن المستقبل يمكن أن يشهد ارتفاعا فى أسعار تلك الأنواع من الطاقة الغير متجددة يصاحبه انخفاض فى أسعار الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة وعند ذلك سوف يكون من المجدى الاعتماد عليها فى مصر بشكل كامل بحلول عام 2055 أى بعد 40 سنة بإذن الله من الآن. وفى طريقنا للوصول لذلك فسوف نحتاج إلى الانتقال التدريجى لاستخدام تلك المصادر البديلة للطاقة والمتمثلة فى الطاقة المتجددة.

وتحظى مصر بمميزات فائقة فى نطاق الطاقة الشمسية حيث أن بها نسبة سطوع الشمس مرتفعة على مدار العام سواء فى الصيف أو فى الشتاء وأيضا نمط استخدام الطاقة عندنا فى مصر يزداد فى الصيف وهو الوقت ذاته الذى تكون فيه طاقة الشمس المتوفرة أكبر وبخلاف ذلك عندنا فى مصر المساحات الشاسعة فى الصحراء وفوق السد العالى التى يمكن وضع خلايا شمسية بها بكميات هائلة تكفى لتلبية كل احتياجات الطاقة فى مصر للاستخدام المنزلى وأيضا الصناعى بل وتفيض عنها للتصدير إلى دول أخرى فى أوروبا من خلال كابلات عبر البحر الأبيض المتوسط. وهذا ليس مجرد حلما، بل اقتصادياته موجودة والتقنيات اللازمة لتحقيقه أيضا موجودة بالفعل وكذا الخبرات المطلوبة لإنجازه، فكل ذلك موجود بالفعل ولا ينقصنا سوى الإرادة والقرار للسير فى هذا الطريق المضيئ بإذن الله.

الانتقال
وأخيرا، فبعد عنصر الزراعة الطبيعية المستدامة وعنصر البناء الطبيعى الصديق للبيئة ثم عنصر الطاقة المتجددة فلا يبقى سوى عنصر رابع وأخير ألا وهو عنصر الانتقال. ويشير هذا العنصر إلى الانتقال من مكان لآخر داخل البلد. هناك وسائل متعددة للانتقال مثل السيارات والقطارات والطائرات وغيرها من المركبات التى تستخدم البنزين أو السولار كى تتحرك وكلاهما منتجات بترولية. بالإضافة إلى الاستخدام المفرط للطاقة فإن تلك المركبات تقوم بتلويث الهواء مما يؤثر سلبيا على البيئة وبالتالى على صحة الإنسان. ومن يعيش فى القاهرة يدرك تمام الإدراك ويعلم تمام العلم مدى تلوث الهواء فيها والذى بدوره يؤثر سلبيا على صحة كل من يسكن فيها بل ويؤثر أيضا على مزاجهم النفسى بشكل سلبى وعلى طاقتهم الانتاجية فترى الواحد منا متعبا ومجهدا عند عودته من عمله بسبب ذلك التلوث الرهيب فى الجو والذى ينتج فى معظمه من السيارات التى تجوب شوارع العاصمة ليل نها.

ولذلك، فكى نحصل على حل متكامل ورؤية شاملة، لا يكفى أن نقوم بالتوجه نحو الزراعة والبيوت والطاقة فقط بل يجب علينا أن نوجد حلول مبتركة لعملية الانتقال أيضا. وتلك الحلول المبتكرة لا ينبغى أن تقتصر فقط على أشياء مثل استخدام السيارات التى تعمتد على الكهرباء بدلا من البنزين، ولا حتى يقتصر على استخدام أساليب أخرى للانتقال مثل الدراجات الهوائية ولكنه يتعدى ذلك وذاك فيصل إلى عملية تخطيط المدن ذاتها كى تصبح الأماكن قريبة من بعضها البعض يسهل الوصول إليها بالدراجات أو سيرا على الأقدام أو حتى بالسيارات ولكن على مسافات قريبة وبيسر فلا يحتاج الشخص منا لقيادة سيارته لمسافة 40 كم أو أكثر كل يوم لمجرد أن يذهب إلى عمله ولا يحتاج الأطفال إلى الانقال عبر مسافات هائلة كى يصلوا إلى مدارسهم كل يوم عندما تكون بعيدة عن منازلهم. إذا فموضوع الانتقال هذا هو جزء لا يتجزأ من التصور الشامل لمصر نظيفة جميلة صحيّة طبيعية تحنو على أهلها وتداعب أطفالها وتكون العيشة فيها رغدة حسنة طبيعية بيئية ويسكن أهلها بها فى سلام وانسجام واطمئنان.

الاجتماع الأول
وختاما، فقد قمنا بالأمس بعمل اجتماع مصغّر لتدشين مبادرة مصر 2055 والتى تهدف إلى تجميع كل من له رؤية وكل من له إيمان بمستقبل واعد لبلدنا مصر الحبيبة وكل من يريد أن يعيش أولاده فى سلام وأمان وبصحة جيدة وكل من يجرؤ على أن يفكر بشكل مختلف وكل من لديه فكر إيجابى بناء كى نبدأ سويا ونضع أيدينا فى أيدى بعض كى نسعى لتحقيق هذا الحلم الكبير بإذن الله سويا وبتوفيق من عند الله. أما عن ما أسفر عنه هذا الاجتماع وآليات تنفيذ هذا الحلم الواعد الكبير بإذن الله فهذا حديث آخر لتدوينة أخرى أرجو أن تكون قريبة بإذن الله ولا تأخذ منّى 4 سنوات أخرى حتى أقوم بنشرها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحب مصر، مش كلام، لكن بجد

أشرف الشفقى

الاثنين، 22 أغسطس 2011

لقاء تلفزيونى عن مدونة حلم المزرعة

قام الإعلامى أحمد يوسف باستضافتى فى برنامجه IT Show على قناة النيل الثقافية يوم السبت الماضى كى أحكى له عن تجربتى مع مدونة حلم المزرعة.

السبت، 18 يونيو 2011

8 وسائل لتقليل معدل رى النباتات المنزلية

عند الزراعة فى البلكونة أو شرفة المنزل أو على أسطح المنازل هناك من يقوم بالرى مرتين كل يوم وهناك من يروى النبات مرة كل يوم أو مرة كل يومين على الأكثر. وهناك أيضاً من يروى كل ثلاثة أو أربعة أيام ويعتبر هذا معدلاً قياسياً بالنسبة للزراعة المنزلية. وهذا بالطبع يعتمد على أى فصل فى السنة تقوم بالرى (صيفاً أم شتاءً).

أحب أن أشير إلى أننى نجحت فى الحصول على نباتات صحية وبعافية جيدة ومزدهرة وكنت أقوم بريها مرة واحدة فى الشهر! نعم، كنت أرويها مرة واحدة فقط كل شهر بل أحياناً تطول الفترة ما بين الرية والآخرى لأكثر من شهر! ولا اتحدث عن نباتات الصبار بل نباتات عادية جداً سواء زينة مثل البوتس أو بقوليات مثل الفول أو عطرية مثل الريحان.

كيف نجحت فى الوصول إلى هذا الرقم الذى يبدو قياسياً مقارنة بالرى يومياً أو كل ثلاثة أيام على الأكثر؟ الإجابة تكمن فى استخدام الطرق الثمانى التالية لتقليل الاحتياج إلى الرى:

1- استخدام تربة تحتفظ بالمياه

العامل الأول والأهم على الإطلاق هو التربة. قابلية التربة للاحتفاظ بالماء هى أهم خاصية تساهم فى تقليل الاحتياج إلى الرى. ولكى تكون التربة لها قدرة عالية على الاحتفاظ بالماء يمكن استخدام:


  1. تربة كاملة من الكومبوست جيد الصنع
  2. طبقة من الكومبوست على سطح التربة أو خليط من الكومبوست مع أنواع أخرى من التربة
  3. يمكن استخدام البيت موس وخلطة بالكومبوست (ولكن أفضل عدم استخدامه نظراً لأنه غريب على البيئة المصرية وهو أساساً منتج من الدول الباردة مثل أوروبا وأمريكا الشمالية).
  4. استخدام زراعة أورجانيك بدون استخدام أى كيماويات فى التسميد (أو فى مكافحة الآفات).

2- تغطية سطح التربة بالملش

تغطية سطح التربة بطبقة كثيفة من الملش تساعد على تقليل تبخر المياه الموجودة فى هذه التربة وبذا يقلل من احتياجها إلى الرى. يمكن تغطية سطح التربة بطبقة من أوراق الأشجار الصفراء الذابلة المتساقطة أو بطبقة من الكومبوست أو بقايا الأخشاب وأعواد الشجر الجافة.

3- تظليل النباتات بنباتات أخرى

فى حين أن استخدام تربة تحتفظ بالرطوبة يقلل من عملية الصرف المهدر للماء (إلى أسفل) فإن الحماية من آشعة الشمس والهواء (أى من العوامل الجوية الخارجية) يقلل من عملية البخر (إلى أعلى). ويكون ذلك عن طريق عدة طرق منها:
  1. استخدام الملش لتغطية سطح التربة.
  2. استخدام نباتات محبة للشمس تقوم بالتظليل على باقى النباتات والزراعة بكثافة عالية فتكون النباتات جنباً إلى جنب.
  3. زراعة بعض النباتات التى تقوم أوراقها بتكثيف نقاط الماء من الهواء أثناء الليل فتزيد من الرطوبة المحيطة بالنباتات كلها.

أى أن ذلك يكون عن طريق زراعة نباتات طويلة محبة للشمس ذات أوراق كثيفة تقوم بتظليل النباتات القصيرة الموجودة بجوارها وتقوم بحجب الشمس بشكل كامل أو شبه كالم عن التربة. فالتربة لا تحتاج إلى الشمس بل تحتاج إلى الماء والغذاء العضوى أما من يحتاج إلى الشمس فهى أوراق النباتات فقط.

4- تخزين مياه الرى أسفل التربة

وضع الحاوى الذى يحتوى عليه النبات داخل حاوى آخر أكبر منه حجماً بحيث يكون الحاوى الأول معلقاً لا تلمس قاعدته قاعدة الحاوى الثانى الأكبر من أسفل على أن يكون هناك ثقب أو مجموعة ثقوب فى أسفل الحاوى الأول تمكن مياه الرى الزائدة من التسرب من خلاله لتقع مباشرة بداخل الحاوى الثانى الكبير وتتخزن بداخله.

وميزة هذه الطريقة أن المياه المخزّنة داخل الحاوى الخارجى الأكبر تصنع نوع من الرطوبة أسفل التربة الموجودة بالحاوى الداخلى الأصغر (ولكن هذه الرطوبة غير ملامسة للتربة الموجودة داخل الحاوى الداخلى الأصغر). وهذه الرطوبة تتصاعد تدريجياً كلما جفت التربة الموجودى فى الحاوى الداخلى فتطول فترة تحمل النبات للعيش بدون رى. هذه الطريقة فعّالة للغاية وهى تساهم فى القدرة على المباعدة بشكل رهيب بين فترات الرى دون أن يتأثر النبات مطلقاً نظراً لوجود خزان مائى صغير دائم أسفل التربة يمدها بالرطوبة كلما جفت وتتصاعد تلك الرطوبة فى التربة بالخاصية الشعرية.

وهذا شرح تفصيلى أكثر:

قومى بإحضار قصرية الزرع التى تحتوى على التربة والنبات (وبها ثقوب من الأسفل لنزول مياه الصرف) وضعيها بداخل قصرية زرع أخرى فارغة (وغير مخرومة من الأسفل، أى لا تقوم بتسريب المياه). هذا كل ما تحتاجين فعله! منتهى السهولة.

عندما تقومين برى النبات (الموجود داخل القصرية الداخلية التى بها الثقوب من أسفل) سوف تتسرب المياه الزائدة عن الحاجة وتتساقط نقطة نقطة داخل القصرية الخارجية الفارغة من أسفل فتمكث بباطهنها المياه (حيث أن القصرية الخارجية غير مخرومة من أسفل). ومع مرور الأيام، سوف تتبخر تدريجياً هذه المياه المخزنة وتتصاعد إلى أسفل فتقوم بترطيب الجزء السفلى من التربة الموجودة بداخل القصرية الداخلية وذلك عن طريق النفاذ مرة أخرى (ولكن إلى أعلى هذه المرة) من الثقوب الموجودة فى قعر القصرية الداخلية. وسوف تقوم الجذور العميقة بامتصاص هذه المياه.

بالنسبة للماء الذيى يتم تخزينه فى أسفل القصرية الخارجية فهو لا يتعفّن حيث أن الترة لا تسقط فيه ولا تصل إليه الجذور بل يضل ماء خالى من التربة أو الجذور (ربما يصبح لونه داكن بعض الشئ فقط من أثر نزوله فى البداية ومروره على التربى الموجودة فى القصرية الداخلية).

5- القيام بالرى ليلاً

الرى ليلاً أو بعد غروب الشمس يعطى النبات فرصة كافية لامتصاص الماء من التربة ويعطى الماء فرصة كافية للتغلغل فى التربة طوال الليل قبل أن يطلع النهار. درجات الحرارة المنخفضة ليلاً تساهم فى الحفاظ على المياه مدة أطول وبقائه فى التربة فى حين أن الرى أثناء الظهيرة بخلاف أنه يضر النبات فإنه يجعل الماء يتبخر بشكل سريع من شدة حرارة ضوء الشمس أثناء فترة الظهيرة.

وبرغم أن رى النباتات فى الصباح الباكر غير ضار للنباتات إلا أنه يعرض الماء أيضاً للبخر عندما يأتى وقت الظهيرة الذى يتبع فترة الصباح، فى حين أن الرى ليلاً يعطى فرصة كافية للماء أن يتغلغل فى التربة دون أن يتبخر منه شئ يذكر وتطول فترة مكوثه وسريانه فى التربة حتى يأتى وقت الظهيرة بحرارته الشديدة والتى تكون عندها فى هذه الحالة المياه قد اختبأت داخل التربة بل وصعد بعضها إلى النباتات من خلال الجذور والأوراق.

6- تدريب النبات على الرى على فترات متباعدة

النبات إذا تعود على الرى المكثف يصبح مدمناً للماء لا يستغنى عنه ولا عن الرى الغزير على فترات متقاربة. أما إذا قمت بتعويد النبات تدريجياً على الرى على فترات متباعدة فإنه يقوم بالتكيف مع ذلك وتقل احتياجاته المائية دون حدوث تأثير سلبى أو ضرر على النبات.

7- ترطيب التربة قبل الرى

ومن طرق ترشيد استهلاك مياه الرى أيضاً القيام بالرى بشكل تدريجى بدلاً من إلقاء الماء كلة على دفعة واحدة مفاجئة. ويتم ذلك عن طريق نثر بعض رذاذ الماء على التربة العطشانة أو على أوراق النباتات والتى تتساقط بدورها على التربة العطشة ويتم ترك النباتات لبضعة دقائق. ثم يتم نثر المياه مرة أخرى رشة تلو الأخرى بنفس الطريقة على الأوراق فتظل تتساقط قطرات المياه مرة أخرى على التربة. يتم ترك النباتات لبضعة دقائق مرة ثانية. وأخيراً يتم تكرار تلك العملية ولكن بكثافة أعلى ويتم رى النباتات بباقى الكمية المتبقية من المياه ليس بالضرورة بالرش اليسير ولكن بالسكب هذه المرة حتى يتم إلقاء كامل الكمية من ماء الرى المحددة فى التربة.

هذه الطريقة تساعد على ترطيب سطح التربة أولاً مما يجعل التربة تستقبل المياه بشكل أفضل وترتفع قدرتها على امتصاص المياه والاحتفاظ بها بعكس سكب الكمية الكاملة من المياه مرة واحدة على التربة العطشى والذى يتسبب فى تسرب كمية أكبر من المياه من خلال التربة دون أن تمتصها التربة أو أن تحتفظ بها فتقل بذلك قدرة التربة على امتصاص المياه والحتفاظ بها.

8- تجنب حفر التربة

إن الصفات الميكانيكية للتربة وتماسك التربة فى نسيج متجانس ووجود الكائنات الدقيقة النافعة داخل التربة تنعم فيها بحياة مستقرة ومتوازنة يؤدى كل ذلك إلى تناغم وتناسق وتوازن يفيد النبات ويجعل جذور النبات تحيا حياة جميلة ومتوازنة ونافعة داخل التربة.

ولكننا عندما نقوم بعزيق التربة وتقليبها والحفر بداخلها لأى سبب من الأسباب فإن هذا التوازن والتناسق والنسيج الحى يفقد توازنه وانسجامه ويقع فى خلل عميق ويمر بأزمة وصدمة عنيفة مباغتة تأخذ منه بعضاً من الوقت كى يستعيد بعدها توازنه الحيوى مرة آخرى. وفى أثناء تلك الفترة تقل قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء وتقل قدرة الجذور على الانتفاع بالماء والغذاء الموجودين فى التربة بسبب التغيير المفاجئ والسلبى فى خصائص التربة وترهل نسيجها الحيوى والتدهور الذى أصاب الكائنات الدقيقة النافعة التى كانت تعيش فيها بسلام قبل عمل صدمها لها عن طريق عزيق التربة والتى كانت جذور النباتات تستفيد من وجودها قبل إحداث تلك الصدمة المفاجئة.

ولذلك، فإن ترك التربة بدون عزيق وبدون إثارتها بالحفر يترك تلك الكائنات الدقيقة فى انسجام وحياة ناعمة ويحافظ على النسيج الحيوى الداخلى للتربة وبذا يحافظ على قدرتها على الاحتفاظ بالماء وعلى قدرة الجذور على الانتفاء بالمواد الغذائية التى توفرها الكائنات الدقيقة بداخل التربة. ولذلك، فإن ترك التربة بدون غزيق يرفع جداً من قدرتها على الاحتفاظ بالماء ويقلل من احتياجها إلى الرى المتكرر ويجعلها تستهلك كمية أقل من ماء الرى.

الجمعة، 15 أبريل 2011

الزراعة ودروس مستفادة (بعد ثلاثة أعوام)

وها هو العام الثالث يمر منذ أن بدأت أن أسجل فى كشكول الزراعة المواعيد التى أقوم بالزراعة فيها والتى أقوم بالرى فيها. وقد واظبت على الكتابة فى هذا الكشكول على مدار ثلاث سنوات متتالية بلا كلل ولا ملل كل مرة أقوم بسقاية النبات فيها وتاريخها ووقتها وفى أى برج من الأبراج كان القمر مستقراً أثناء تلك الرية. وبما أننى قمت بكتابة الزراعة ودروس متسفادة بعد عام وأيضاً الزراعة ودروس مستفادة بعد عامين فها أنا ذا ولله الحمد أقوم الآن بكتابة الزراعة ودروس مستفادة بعد ثلاثة أعوام من بدئى لتسجيل العمليات الزراعية التى أقوم بها فى كشكول الزراعة.


وهذه المرة أقوم بكتابة الدروس المستفادة على هيئة أفكار خاطئة كنت أعتقد فيها ثم تغيرت وتبدلت بعد ملاحظتى للنبات على مدى سنوات، ومن هذه الأفكار:

النباتات تحب الشمس ولكن بحدود

كنت أعتقد فى أن النبات يحتاج إلى الشمس وأنه كلما اشتدت حرارة الشمس كان ذلك أفضل للنبات طالما أنه ليس من نباتات الظل التى لا تحب آشعة الشمس القوية. واندهشت أشد الدهشة عندما كنت أشاهد بعض النباتات فى أثناء فصول الصيف الحارة وأثناء فترة الظهيرة شديدة الحرارة كنت أجد تلك النباتات وقد تهدلت أوراقها وتدلت وكأنها تستغيث من آشعة الشمس القوية المسلطة عليها. واندهشت لذلك أشد الاندهاش حيث أن فكرتى عن النباتات كما قرأت أنها تحب الشمس مهما بلغت آشعتها قوة (باستثناء نباتات الظل التى لا تتحمل آشعة الشمس الحارقة والآشعة المباشرة). ولكننى تلعمت بعد هذه الملاحظة أن النباتات بصفة عامة حتى وإن لم تكن من نباتات الظل فلديها قوة تحمل معينة لآشعة الشمس يصعب عليها أن تتحمل ما هو أكثر منها. وفهمت أن حتى النباتات التى تحتاج إلى آشعة الشمس وتحبها فهى تحب الحماية أيضاً من آشعة الشمس الحارقة وصبو إلى شئ من الظل مثلها مثل الإنسان الذى تفيده الشمس ولكنها تحرقه إن اشتد لهيب حرارتها ونير آشعتها الملتهبة.

ومن الطريق أن النبات كعادته يحاول التكيف والتأقلم مع محيطة وتكون له ردود فعل ملائمة للظروف المحيطة به حتى يتمكن من الاستمرار فى العيش. وقد بدا هذا جلياً فى أوراق الأشجار واستجابتها لآشعة الشمس الحارقة فهى تقوم بالانثناء والانحناء والتدلى عندما تقسو الشمس بآشعتها الحارقة وفى هذه الحالة يكون الجزء المواجه للشمس من الورقة ضئيل للغاية بينما يكون الجزء المتدلى الغير مواجه للشمس كبير وبذا تتمكن الورقة من حماية نفسها من كمية آشعة الشمس الزائدة. بالإضافة إلى ذلك فإن الورقة عندما تتكرمش عندما تكون الشمس فى أوج سطوعها فإن ذلك أيضاً يقلل من المساحة السطحية للورقة المعرضة بشكل مباشر لآشعة الشمس. سبحن الله فى خلقة، فهذه أحد الاستجابات الطبيعية للنبات كى يتمكن من التكيف مع وجوده فى مكان به آشعة شمس حارقة وغياب الظل الكافى له.

مسارات الطاقة وإتجاه فروع النبات

هذه المعلومة قرأتها مرة بالإنجليزية فى أحد المدونات الشهيرة الخاصة بالزراعة الطبيعية المستدامة وهى أن النبات يقوم بمد سيقانه وأوراقه وتوزيعها بشكل يؤدى إلى توزيع مثالى لخطوط الطاقة. وخطوط الطاقة هذه أمر لا يندرج تحت العلوم الغربية التقليدية ولكنه ينتمى إلى العلوم الشرقية الآتية من بلاد مثل الصين والهند والتى من أشهر تطبيقاتها الطبية التى نعرفها الإبر الصينية والتى تعتمد على مسارات الطاقة فى الجسم البشرى.

ولم أكن أعرف بتلك المعلومة من قبل، فكنت لا أبالى إذا ما غيرت من وضعية النبات أو قمت بتحريك فروعه اللينة من مكانها وقمت بإعادة توزيعها وتغيير أماكنها والمسافات الموجودة بينها وبين بعض. ولكننى كنت ألاحظ أن النبات لا يكون فى أزهى صوره بعد أن أقوم بتحريك سيقانه ولخبطة ونعكشة نسقها الطبيعى التى اختارته لنفسها. وكنت بعد فترة ألاحظ أن النبات يعاود النمو والتفرع ويحاول مرة أخرى أن يقوم بتوزيع نفسه فى نسق متناسق ومتوازن ومسافات متآلفة فيبدوا فى مجموعه كوحدة واحدة منتاسقة متجانسة وسعيدة تضفى إحساس بالسكينة والهدوء والانسجام على من يراها ويمكث بجانبها.

وقد تعلمت من هذا الدرس أن لا أقوم بتغيير مواقع سيقان النبات حتى وإن كانت نباتات زاحفة أو متسقلة وأن أتركها لنمو فى الاتجاهات التى تريدها لنفسها. فإذا ما اضظررت إلى تحريك أماكن سيقان النبات فعلت ذلك فى أضيق الحدود وتركت للنبات فترة طويلة كى يقوم بإعادة توزيع نمواته الجديدة وتفريعاته بالشكل الذى يراه مناسباً والذى يجعل توزيع خطوط الطاقة ومسارات الطاقة داخل النبات فى أفضل شكل ممكن.

التكامل فى المعيشة بدلاً من التنافس على الغذاء

تربيت على فكرة أن النبات يحتاج إلى الغذاء والذى يستمده بدوره من التربة ولذا فإن تكدس النباتات بعضها بجوار بعض يخلق حالة من التنافس الرهيب على الموارد الغذاية الموجودة بالتربة ويؤدى إلى تدهور حالو النبات وعدم نموه بشكل عفى. وكنت لذلك أحرص أشد الحصر على عدم مزاحمة النباتات بعضها لبعض حتى لا تتنافس على الغذاء ويؤدى ذلك إلى ضعف نموها.

ورغم أن هذه الفكرة كانت مسيطرة علىّ إلا أننى لاحظت باندهاش النباتات تنمو وتترعرع بشكل عفى وبقوة أكبر وهى متكدسة ومتزاحمة عنها فى حالة خلو التربة إلا من نبات واحد أو نباتات على مسافات متباعدة! وقد اندهشت لتلك الملاحظة كثيراً ولم أتمكن من تفسيرها آنذاك ولكننى فهمت فيما بعد سبب ذلك الانتعاش الذى يحدث للنباتات إثر تواجدها متلاحمة مع بعضها البعض. السبب يكمن فى أن التربة عندما تكون معرضة لآشعة الشمس المباشرة ولا توجد بها نباتات تغطيها إلا على مسافات متباعدة فإن التربة لا تتمكن من الاحتفاظ بالرطوبة لوقت طويل وتموت بداخلها الكائنات النافعة والتى لا تتمكن من تحمل قيظ ولهيب آشعة الشمس السلطة على سطح التربة. أما فى حالة نمو النباتات جنباً إلى اجنب فينتج عن ذلك حماية سطح التربة من آشعة الشمس المباشرة مما يضاعف من قدرتها على الاحتفاظ بالماء والرطوبة مما يؤدى إلى نمو وانتعاش وتضاعف الكائنات الدقيقة النافعة بداخلها ويكون لذلك تأثيراً بالغ النفع على النباتات. كما أن نمو النباتات بجوار بعضها البعض يحميها من اشتداد آشعة الشمس. وبخلاف ذلك وذاك فإن النباتات إذا ما كانت نباتات صديقة فهى تزدهر وتزدهى عندما تجاور بعضها البعض فواحدة تمد التربة مثلاً بعنصر النايتروجين والآخرى تقوم باستهلاكه أو نبات يقوم بامتصاص آشعة الشمس القوية لاحتياجه لها والآخر يستظل بظله أو نبات تقوم جذوره العميقة بجلب العناصر الغذائية من أسفل التربة ونبات آخر تقوم جذوره الضحلة بالاستفادة من تلك العناصر. فى النهاية، فإن النباتات المتجاورة إذا كانت نباتات صديقة فهى تساند بعضها البعض وتهنأ مع بعضها بشرط أن لا يتم زراعة نباتات عدوة بجوار بعضها البعض (مثل البصل والفول مثلاً فهما لا ينسجمان مع بعضهم).

الخميس، 15 أبريل 2010

طعم الحياة فى الواحات البحرية

قمت منذ أسبوعين بزيارة خاطفة إلى الواحات البحرية وهى عبارة عن واحة تقع جنوب غرب القاهرة وتبعد عنها بحوالى 360 كم.

قمت هناك بزيارة أسرة اختارت أن تترك الحياة المترفة فى المدينة لتذهب وتعيش فى جو نقى وسماء صافية وطعام وفير وصحى على أرض الواحات البحرية. الأسرة مكونة من أم أمريكية مسلمة وابنها وزوجته وحفيدها بالإضافة إلى باقى أولادها وأولادها جميعاً مصريون حيث أن أبوهم مصرى.


وكان أشد ما لفت انتباهى هناك وغمرنى منذ الوهلة الأولى وطيلة إقامتى هناك وترك انطباعاً لا يمحى فى وجدانى هو مذاق الطعام هناك. فقد كانت هذه السيدة الأمريكية المسلمة تقوم بتربية الدجاج وزراعة البرسيم الحجازى لتغذية الدجاج والفول لتناوله والكركاديه لشربه وزراعة أشياء أخرى عديدة من ضمنها زهرو دوار الشمس (عباد الشمس). فكان طعم بيض تلك الدجاج أكثر من رائع وطعم الفول المدمس بالطماطم خيالى وكذا طعم الدجاج الذى تقوم بتربيته على ارض الواحات الطيبة.


وقد تعلمت هى وأولادها من جيرانهم فى الواحات طرق الطهى المختلفة فكان مذاق الطعام غير عادى ناهيك عن الفوائد الصحية الناتجة عن أكل بيض أو دجاج يأكل من برسيم يتم زراعته أمام عينيك فى أرض نقية ومروية بماء غنى بالحديد والذى نتج عنه فوائد صحية غير مسبوقة للاسرة مما دفعهم للبقاء هناك فى الواحات البحرية والاستغناء عن أية أدوية وعقاقير لم تكن تجدى أصلاً فى شئ!

وقد قمت أثناء رحلتى القصيرة هناك بزيارة أحد المزارع العضوية (الأورجانيك) هناك وكانت على مساحة تبلغ حوالى 400 فدان. وتقوم تلك المزرعة بتصدير إنتاجها إلى فرنسا وصاحب المزرعة أصلاً من أهل الواحات ولكنه قد سافر إلى بلاد عديدة وعنده علم وخبرة ناهيك عن دماثة أخلاقة وحلو كلامه فقد استمتعت ملياً من الجلوس معه ومحاورته وأتمنى أن أقوم بزيارته مرة أخرى. بل أنه عرض على عندما حدثته عن الزراعة المستدامة عرض على تخصيص بضعة أفدنه لهذا الغرض ليقوم فيها خبراء الزراعة المستدامة بالتجريب كما يشاؤون. ولقد كان الهدف الأساسى من زيارتى تلك إلى الواحات البحرية هو الاطلاع بشكل مباشر على إمكانية إقامة زراعة طبيعية مستدامة هناك وتذوق طعم الحياة فى الواحات البحرية على الطبيعة.

والآن وقد رجعت من رحلتى القصيرة تلك فإنى أرى أنه بالفعل من الممكن عمل زراعة طبيعية مستدامة فى الواحات البحرية رغم البعد النسبى لها عن القاهرة حيث أن الماء متوفر بشكل وفير هناك والناس هناك طيبون والدار أمان. وسوف نحاول فى المرحلة المقبلة إن شاء الله البحث فى إمكانية استضافة خبراء الزراعة الطبيعية المستدامة من أستراليا بعد أن قاموا بعمل دورات تدريبية فى هذا النوع من الزراعة الطبيعية المستدامة فى الأردن منذ عدة سنوات. وقد قمت بالفعل بمخاطبتهم وأبدوا تحمساً شديداً لإعطاء تدريب (لمدة أسبوعين) فى هذا المجال فى مصر ولم يبقى سوى البحث عن مكان مناسب لعمل مثل تلك الدورة التدريبية. وبالطبع المكان يجب أن يكون يتم زراعته بشكل طبيعى أى دون استخدام أية مبيدات كيميائية أو أسمدية كيميائية مصنعة.

الزراعة ودروس مستفادة (بعد عامين)

مر الآن عامين على بدئى فى الكتابة فى كشكول الزراعة حيث أسجل فيه كل العمليات الزراعية التى أقوم بها من غرس للنباتات وزراعة للبذور بل والرى ومواعيده وكميته وأماكن الزراعة. وقد كان هذا الكشكول بمثابة وعاء للدروس المستفادة التى تعلمتها على مر هذان العامان. وقد قمت فى العام الماضى بكتابة الزراعة ودروس مستفادة (بعد عام) لكى أسجل خلاصة تجربتى والدروس المستفادة خلال العام الأول من كتابتى فى هذا الكشكول. أما وقد مر عام ثانى الآن وأنا مازلت أحتفظ بالكشكول وأسجل فيه كل عملياتى الزراعية فقد اكتسبت دروس إضافية خلال هذا العامل الثانى إليكم بعض منها:
  1. الملش له أهمية قصوى فى الزراعة. الملش هو تغطية سطح التربة بطبقة تحميها من آشعة الشمس المباشرة. وقد كنت فى البداية أقرأ عن الملش ولكننى لم أكن أهتم به، فقد ظننت فى البداية أن الملش ربما يكون ذا أهمية ولكن غير كبيرة مقارنة بباقى العناصر (مثل الضوء، الماء، التربة ... إلخ). ولكننى بالتجربة فوجئت بأن الملش له أهمية قصوى فى الزراعة فالنباتات تنمو بشكل أفضل بكثير فى حالة استخدام الملش. والملش يمكن أين يكون عبارة عن طبقة من القش أو أوراق الأشجار أو حتى نباتات خضراء تغطى سطح التربة العريان ويمكن أيضاً استخدام الكومبوست لعمل طبقة من الملش فوق سطح التربة. ومن أهم مميزات الملش أنه يساعد التربة على الاحتفاظ بالرطوبة مما يساعد بشكل كبير النباتات على النمو بشكل جيد. كما يحفظ الملش التربة من التحجر بفعل آشعة الشمس المباشرة ويحمى الكاشنات الدقيقة النافعة تحت سطح التربة فيحافظ عليها وبذا يستفيد النبات من وجودها. ومع مرور الوقت، يمكن للملش أن يتحلل فيغذى التربة أيضاً.
  2. تغيير وضع سيقان النباتات بشكل مفاجئ وبدون تقليم لها قد يسبب ضرراً كبيراً وبالذات فى حالة رفع السيقان إلى مستوى أعلى مما كانت عليه. فسيقان النباتات الموجودة بمستوى منخفض قد تعودت على هذا المستوى ويتحرك فيها الماء والغذاء بشكل منسجم مع ذلك المستوى، فإذا ما تم رفعها بشكل مفاجئ تسبب ذلك فى تساقط الأوراق لعدم وصول الغذاء الكافى لها. الحل هو ترك النبات على حالته وعدم تغيير وضع الأغصان أو القيام بعملية تقليم لتلك الأغصان فى حالة تغيير وضعها حتى يتمكن النبات من التأقلم مع الوضع الجديد وتنمو به أغصان جديدة تتمكن من سحب الماء والغذاء إليها فى المستويات الأعلى ارتفاعاً.
  3. الرى غير المنتظم والزائد عن ما تعود النبات عليه يتسبب بشكل فورى فى ظهور إصابات على النباتات وتعرض النبات للهجوم من الآفات بدون قدرة على مقاومتها.
  4. تقليب التربة أو قلبها رأساً على عقب يمكن أن يتسبب فى فقدها لخصوبتها. الأفضل ترك التربة كما هى بدون تقليب وفقط يتم تزويدها بالملش وزراعة النباتات التى تقوم جذورها باختراق التربة وتهويتها.